New article from Abū Sa'd al 'Āmilī: "The Duty of Support and Victory for Jabhat al-Nuṣrah"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب المستضعفين وناصرهم ومذل المستكبرين وهازمهم، خلق الإنسان في كبد وجعل هذه الحياة الدنيا دار بلاء واختبار لإيمانه، والصلاة والسلام على النبي المختار، خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد

فإنه من الأهمية بمكان أن نقف وقفة تذكير على الدور الذي ينتظرنا في هذه الأحداث القائمة اليوم في بلدان الإسلام ، والتي باتت فيها أرواح المسلمين من نساء وأطفال ورجال مستضعفين ثمناً ووقوداً لتلك النار المشتعلة في بلداننا، تستهدف في الدرجة الأولى ديننا وعقيدتنا ثم أعراضنا وأموالنا وديارنا ، {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، والله متم نوره ولو كره الكافرون} ، وقوله سبحانه وتعالى { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}، وقد عاد الفراعنة الجدد يستنون بسنة جدهم وسلفهم الأول الفرعون الأكبر {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً، يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين}.

إن دورنا كأمة خاتمة هو أن نقف صفاً واحداً وسداً منيعاً في وجه هذه الهجمات، كل بما يستطيع، باليد والمال والبيان وكل ما فرضه الله علينا من وسائل شرعية يمكنها أن تدفع عن الأمة هذا الصائل الجارف، ولا عذر لأحد مهما كان أن يتنصل عن هذه المهمة، لأنه بإمكانه أن يشارك ويساهم ولو بأدنى ما يملك وهو مستطيع لا محالة، والله يعلم السر وأخفى.

ومن باب أولى حينما نتحدث عن فئة متميزة في هذه الأمة وهي فئة العلماء، الذين يعلمون ويفقهون ما يحاك لأمة الإسلام من كيد ومكر في السر أو في العلن، فإن هذه الفئة مطالبة أكثر من غيرها بالمساهمة والتضحية والقيام بواجباتها اتجاه أمتها، وليس هناك مجال للتراجع أو التنصل أو القعود مهما كانت الدوافع والأعذار {لتبيننه للناس ولا تكتمونه}، بل إن هذه الفئة مطالبة بأن تقود جموع الأمة بنفسها وتتقدم الصفوف لتكون قدوة في العطاء والتضحية والفداء، وعدم الاكتفاء بالتوجيهات البيانية والتنظير النظري.

هذا هو دور العلماء الربانيين، ومن أجل هذا استحقوا أن يرفعهم الله تعالى في الدنيا والآخرة درجات، وبدون أداء هذه الواجبات سوف يكون عذابهم مضاعفاً في الدنيا والآخرة لأنهم كفروا بنعمة العلم الذي يتطلب أول ما يتطلب، العمل والقدوة.

بعد هذه المقدمة أنتقل إلى صلب الموضوع وهو ضرورة نصرة ومساندة أهل الرباط من المجاهدين الأخيار، وهو موقف اعتبره من أضعف الإيمان في قاموس العمل، فضلاً عن أنه واجب وفرض عين على كل مسلم ومسلمة خاصة فيما يخص جهاد الدفع، وهي الحالة التي تتواجد فيها الأمة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها دون استثناء.

تبرز الحالة الأصعب والجبهة الأهم تلك التي فُتحت في بلاد الشام المباركة، حيث الإثخان في المسلمين على أشده إلى درجة الإبادة وكفر النظام النصيري بات واضحاً لكل ذي عقل، وواجب قتاله لم يعد فيه أدنى شك حتى لغير العاقل فضلاً عمن يدعي أنه مسلم ويؤمن بالله واليوم الآخر، كما أن الصفوف قد تميزت وبوضوح لا يقبل النقاش، فئة الطاغوت وجنوده من الجيش وقوات الأمن وما يُسمى بالشبيحة، وبقية فئات الشعب المنقسمة إلى مشارك فيما يُسمى بالجيش السوري الحر وبعض الكتائب المستقلة في مختلف مدن وقرى سوريا وغالبية الشعب الذي يتظاهر بشكل يومي معبراً عن رفضه لهذا النظام الظالم ويقدم شهداء وأسرى في كل لحظة، زيادة على طرف جديد انضم إلى الساحة بطريقة رسمية وهي “جبهة النصرة” التي تمثل التوجه الجهادي السلفي أو بعبارة أكثر قرباً إلى المصطلح الشرعي ” نواة من الطائفة المنصورة ” إن شاء الله ، التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم ومدحها في أحاديث كثيرة متواترة، والتي نجد الكثير بل معظم صفاتها في هذه الجبهة المباركة الوليدة.

1 – ” قائمون بأمر الله: أي ملتزمون بشرعه وأمره، وذلك بالجهاد والقتال وإعلان الحق والتزامه والأمر والنهي به، والدفع عن أهله إذا دخل عليهم الصائل فهذا أوجب الفرائض بعد الإيمان.

2 – مُكذّبون من الغالبية: أي أنهم في غربة من الناس لما درس من أمور الدين، فإن مجيبهم قليل ومعارضهم كثير، كما جاء في كثير من أحاديث الغربة.

3 – مُخذَلون من العموم: أي غير منصورين فعلياً حتى ممن وافقهم في الرأي فإنه لا ينضم إليهم عملياً إلا القليل.

4 – ماضون ثابتون لا يضرهم التخذيل والتكذيب: أي أنهم أصحاب همة وثبات وعناد في الحق يدْعون فيُكذّبون إلا من القليل، ويعملون فيخذلون إلا من النادر، ومع ذلك فهم معلنون للحق ثابتون عليه.

5 – يقاتلون إلى قيام الساعة: وهذه من أخص خصائصهم، والنصوص طافحة في ذلك بشكل علني ثابت يصعب معه التمحك لنفي صفة القتال عنهم وجعلهم من أهل المناظرة أو العلم بلا قتال كما قال البعض.

6 – قاهرون لعدوهم: إما أنهم قاهرون لهم بالنصر الحقيقي والظفر في نهاية الصراع – كما بشر بذلك الله سبحانه وتعالى ورسوله الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الآيات والأحاديث – بالرغم من أنهم قد يُهزمون في بعض معاركهم ومواقعهم، وإما أنهم قاهرون لهم بعدم تراجعهم عن الحق رغم هزائمهم المؤقتة، فهم ثابتون ثباتاً يقهر العدو.

فوضوح راية التوحيد التي ترفعها في قتالها، والغايات التي تسعى لبلوغها وهو تحكيم شرع الله والكفر بما سواه من مناهج ودساتير كفرية، هي السمة الأهم التي على أساسها يمكننا تمييزها عن بقية الفصائل المقاتلة في الساحة ، وعلى رأسها ما يُسمى بالجيش السوري الحر، هذا الجيش الذي انشق أصلاً عن الجيش النظامي وأغلب أعضائه اناس عاديون للم يُعرفوا بالتزام بالإسلام ولا تجربة جهادية سابقة، بل أغلبهم كان يحمي النظام النصيري الكافر وهم كانوا أداة قمع وحصار للشعب السوري منذ عقود وبخاصة العناصر القيادية فيه.

ليس هذا الموضع موضع إطلاق أحكام شرعية على هؤلاء الجنود أو محاكمتهم في هذا الظرف الحساس، بل إننا نحكم على ظاهرهم ونرجح أنهم أناس أرادوا التوبة والتبرؤ من النظام النصيري الكافر وبدأوا في حماية الشعب السوري مما يتعرض له من إبادة جماعية على أيدي من تبقى من أجهزة الجيش والأمن والشبيحة ما زالوا يوالون النظام ويقدمون أرواحهم فداء له.

لن أدخل أيضاً في الاعتبارات السياسية المحلية والإقليمية والدولية اتجاه هذا “الجيش الحر” ولا لما يسمى بـ “المجلس الوطني السوري” وعلاقته بالغرب الصليبي ومدى التجاوب والتعاطف الذي يلقاه من هؤلاء، والدعم الإعلامي الذي يلاقيه في وسائل إعلاهم، ومدى استعداد هذا الغرب الصليبي لكي يعترف به كممثل وحيد للشعب السوري بل حتى إمكانية تسليحه من قبل بعض الدول الصليبية والأنظمة العربية المرتدة مطروح على في الحسبان.

هذا في الوقت الذي نجد فيه تخويف وتهويل من هذه الأطراف ذاتها من كل توجه جهادي، وغض الطرف عن كل عمل جهادي بل ومحاولة تهميشه وعدم ذكره خاصة الأعمال الجهادية النوعية الأخيرة التي نفذتها “جبهة النصرة” داخل سوريا بل في العاصمة دمشق نفسها خاصة العملية الاستشهادية الأخيرة التي استهدفت باصات لقوات الأمن والشبيحة والتي راح ضحيتها العشرات من هؤلاء الأقذار.

ألا يكفي كل هذا الإجماع الصليبي المرتد النفاقي على محاربة كل توجه جهادي للثورة السورية المباركة والتشكيك فيه ومحاولة تشويهه ؟ لكي ينضم إلى هذا الحلف بعض من نظن فيهم خيراً من علمائنا ومشايخنا الأفاضل، وليعزفوا هم أيضاً على وتر التشكيك في صحة توجه هذه الجبهة بل حتى في صحة وجودها أصلاً على أرض الواقع !!!

فقام من قام لكي يضع علامات استفهام كبيرة على قيادة الجبهة، وعلى توجهها وحقيقة انتمائها والجهات الواقفة وراءها، وهي تساؤلات وشكوك مردودة على أصحابها ابتداء لأنها لا تقوم على قرار وأسس شرعية، بل هي قائمة على تناقضات وظنون شيطانية أقرب إلى حظوظ النفس والهوى منها إلى ميزان الحق.

فهل يُعقل أن يؤيد هؤلاء الجيش السوري الحر دون تحفظ ولا تساؤلات، رغم تحفظاتنا الكبيرة على عقيدتهم وغاياتهم حيث أنهم أعلنوا ويعلنون أن غايتهم هي حكم قائم على التعددية السياسية ودينهم الديموقراطية الكفرية ولا يخفون اعترافهم بالمؤسسات والمنظمات والقوانين الدولية المتعارف عليها ، مثل أنظمتنا المرتدة، ولا يجدون في ذلك حرجاً بل يعتبرون ذلك وسيلة لتبييض وجوههم وتحسين صورتهم أمام الرأي العام.

هذا لا يعني أننا نرفض قتال هؤلاء لدفع الضرر النازل على الشعب السوري المظلوم، ولا ننادي بأن يوقفوا قتالهم في سبيل إضعاف الجيش النصيري الخبيث، ولكننا لا نؤيدهم ولا نبايعهم ولا نزكيهم ما دام أن هناك راية التوحيد صافية قد رُفعت في ربوع بلاد الشام من طرف ” جبهة النصرة”، وحولها ينبغي أن يلتحم الشباب المسلم، وندعو الناس للانضمام إليها وتكثير سوادها.

كما أننا لا ندعو إلى الدخول في صراع أو قتال مع الجيش الحر لكون عقيدتهم مخالفة لعقيدة التوحيد أو بسبب مخالفة رايتهم لراية التوحيد، ليس هذا أوانه، وليس هذا من الحكمة بمكان، ولكننا ضد كل من يؤيدهم من المشايخ بله من مشايخ التوحيد.

ونحن ضد من يدعو إلى مبايعتهم على القتال بينما هناك راية واضحة ينبغي الالتفاف حولها، نحسب أصحابها على خير ولا نزكي على الله أحداً.
كما أننا ضد كل من يحاول التشكيك في راية ” جبهة النصرة” أو في عقيدتها أو في غاياتها أو حتى في الجهات الواقفة وراءها.

أقول لهؤلاء، اتقوا الله في إخوانكم ولا تجعلوا للشيطان ولا للهوى حظاً في نفوسكم، وتتخذوها ميزاناً للتمييز بين الحق والباطل، واعلموا رحمكم الله أن الكثرة والقوة ليست دليلاً على الحق، وأن الضعف والقلة ليست دليلاً على الباطل.

فإن كنتم تشككون في قيادة ” جبهة النصرة” وتدعون أنها نكرة ولم يزكيها أحد من أعلام الجهاد وقادتهم، فإن مجاهدي ” جبهة النصرة” قد بايعوا هذه القيادة وارتضوها لدينهم كما ارتضوها لدنياهم، كما أن منابر الجهاد الإعلامي – وهي الوجه الظاهر والناطق باسم هؤلاء المجاهدين وقادتهم وعلى رأسهم قاعدة الجهاد – قد باركت وزكت جبهة النصرة، ولا أعتقد أنكم ستشكون في مصداقية هذه المنابر، وتطلبون ” قادة الجبهة” أن ينسفوا خطط عملهم وبرامج أمنهم من أجل إرضائكم وكأنكم ستنضمون إلى جبهتهم بألوف مؤلفة من الجنود وستتركون ما أنتم فيه من فتنة القعود والوهن والانتقال إلى مرحلة الهجرة والجهاد.

أقول أيضاً لكل من يشكك في صدق قيادة ” جبهة النصرة” أن يتقدم هو لقيادة كتائب الجهاد بنفسه، وينصب نفسه قائداً ولينظر هل يبايعه أحد على الموت أم لا؟ 

هذه لعمري حجج وتبريرات مشابهة لتبريرات قوم طالوت { أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال}، أو قد يقولون الآن : نحن أحق بالقيادة لأننا أكثر علماً وأكثر شهرة من هؤلاء المجاهيل، فيأتي الجواب سريعاً ومدوياً لهذه النفوس {إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم}، إنه اصطفاء رباني، وقطف لثمار سنين من العمل والتضحية في ساحات الجهاد أيها المشايخ الكرام.

اقرأوا شيئاً من سير المجاهدين – سلفاً وخلفاً – لتقفوا على المعايير الحقيقية الربانية للقيادة الصالحة ، ( اسمعوا وأطيعوا ولو أمِّر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة).
لقد خرج أبو بكر وعمر وكبار الصحابة المبشرين بالجنة جنوداً في جيش يقوده الشاب أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما، وذلك ليرسخ النبي صلى الله عليه وسلم القيم الحقيقية في نفوس الصحابة وليهدم في نفوسهم حظوظ أنفسهم حتى لا تصبح أصناماً تُعبد من دون الله.

والمماليك هم أكثر من أثخن في الصليبيين وحموا ثغور الإسلام وأعادوا عزته وسؤدده، وهم مماليك !!!
وفي خلفنا، رأينا من أمراء الجهاد من لم يعرف وجهه قط، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من اعتقل ومنهم ما زال ينتظر وهم مرابطون في ساحات القتال إلى اليوم، ولا يعرفهم أحد، ولم يشك في إخلاصهم وحقيقتهم أحد.

وأقرب مثال في هذا المجال، قادة دولة العراق الإسلامية، وعلى رأسهم الأمير أبو عمر البغدادي تقبله الله، لم يكن يعرفه لا العدو ولا الصديق، وكان صوته وأعماله تملأ الآفاق وتقض مضاجع الأعداء وتزلزل عروشهم، ولم يقل أحد بمثل ما قلتم به وهو ضرورة أن يكون معروفاً لدى القاصي والداني.

وأمير المؤمنين أبو بكر البغدادي ووزير حربه أبو سليمان لا يعرفهم أحد بمنطقكم، وهم كما ترون يشقون الطريق نحو تمكين نهائي وشامل لدين الله في بلاد الرافدين، ويقوضون أركان الروافض يوماً بعد يوم بعملياتهم الجهادية النارية.

رويدكم أيها الأكارم، ولتعودوا إلى رشدكم ولتزنوا أقوالكم بميزان الشرع الحنيف، ودعوا عنكم التعصب للهوى أو للنفس ، وعودوا للحق فهو أحق أن يُتبع، ونحن والله نعتبر هذه كبوة فارس وهفوة غير مقصودة ، لن تنقص من تاريخكم وعطائكم لدين الله عز وجل، بل إن مراجعة أقوالكم وتصحيح تصريحاتكم أحب إلى الله عز وجل وإلينا من التمادي في هذا الترفع ومخالفة إجماع إخوانكم المجاهدين وأنصارهم حول “جبهة النصرة” في بلاد الشام، ولن ينفعكم الجيش الحر في شيء ما داموا يمثلون توجهاً ديموقراطياً علمانياً أو على أقل تقدير خليط من القوميين والوطنيين بشعارات إسلامية.

أقول قولي هذا وغايتي – علم الله – الإصلاح ومحاولة رأب الصدع في صفوف أنصار المجاهدين، ومحاولة وأد فتنة قادمة تحاول شق صفوف الأنصار قبل المجاهدين، وقد تعمدت الحديث بصيغة العموم ومن باب ” ما بال أقوام” لعل النفوس تعتبر دون أن تُجرح، ورحم الله من سمع الحق فاتبعه وخضع له، وأعان كل صاحب هوى أن يتحرر من هواه ومن حظوظ نفسه حتى نكون عبيداً لله وحده، ليس في قلوبنا سوى حبه وحب من يحبه وحب من يتقرب إلى من يحبه، ونحن نحسب إخواننا في “جبهة النصرة” في بلاد الشام، ممن يحبون الله ورسوله، ونسأله سبحانه أن يرزقنا حبهم ونصرتهم في السر والعلن وفي اليسر والعسر وفي المنشط والمكره، هو ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

وكتبه نصرة لإخوانه في ” جبهة النصرة ” ببلاد الشام- 12 ربيع الثاني 1433هـ

___________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]