New article from Abū Sa'd al 'Āmilī: "Awaiting the Call to Arms (Advice and Guidance)"

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب
الحمد لله رب العالمين حمداً يليق بحلال وجهه وعظيم سلطانه ، نسأله سبحانه أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والثبات عليه والدوران معه حيثما دار، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
الكلام عن النفير ومقدماته وشروطه أصبح حديث الساعة عند المخلصين من أبناء هذه الأمة، فالناس تهتم بدنياها وما زالت مثقلة بقيود الملذات والشهوات، بينما هم مهتمون بمصير أمتهم ولا يغمض لهم جفن ولا يهنأ عيش حتى يجدوا موطن قدم لهم في ساحات الجهاد المفتوحة، من أجل نصرة إخوانهم من جهة وفي سبيل البحث عن مواقع الإعداد الحقيقي الذي يفتقدونه في بلدانهم الأصلية المحتلة.
فبينما الناس يجمعون فتات الدنيا ويحرصون عليها ويتنافسون في امتلاكها وأنى لهم ذلك، نرى هؤلاء الغرباء قلوبهم معلقة بالسماء ويتلهفون إلى اليوم الذي يأذن الله فيه بالرحيل تاركين وراءهم الدنيا بحذافيرها، بل تراهم يبيعون كل شيء في سبيل الحصول على زاد يكفيهم في الطريق لكي يبلغوا موقعاً من مواقع التدافع المتعددة في عالمنا الإسلامي الفسيح.
فاعلم أخي الحبيب أن الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة في هذا العصر، وكل ما يوصل إليه من إعداد واستعداد يصبح واجباً، لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وطلب العلم من واجباته وأدواته التي تساعد وتعين على الجهاد وليس في درجة فرض العين لكنه ضروري لمن سهله الله عليه، فالعلم قبل العمل، والجهاد يتطلب علماً أولياً والتسلح بعقيدة صحيحة تكون الأساس التي يقوم عليها وينطلق بها المجاهد إن شاء الله.
أعتقد أن هذا النصاب من العلم الشرعي متوفر لدى الكثير من الإخوة الراغبين في النفير، فأغلب الشباب المسلم اليوم لديهم رغبة جامحة في تعلم دينهم وفقه أولوياته ومنها ترسيخ عقيدة التوحيد في نفوسهم، وهم في انتظار أن تحين ساعة الرحيل والنفير ليلتحقوا بالهدف الذي يحلمون به وينتظرونه منذ زمن.
في انتظار ذلك ، اعلم أخي الحبيب أن المؤمن في عبادة لربه، حيثما كان وأينما حل وارتحل، ولعل رباطه في المحيط الذي يعيش فيه قد يكون فيه أجر المجاهد وأكثر لما في ذلك من مصلحة عظيمة لمن حولك، ولما تنشره من خير وتقوم به من تحريض، وكل شيء بقدر وأجل ، لهذا ينبغي على المؤمن أن يشغل نفسه ويملأ وقته بالعمل الصالح والإعداد للجهاد بتعلم كل العلوم اللازمة والفنون الضرورية ، فقد يتعذر عليه ذلك وهو في الجبهة نظراً لعدم توفر الوسائل هناك أو لعدم توفر الوقت اللازم ، لأنه سيكون مشغولاً بأمور تخص العلوم الجهادية والأوامر الميدانية اليومية.
لهذا أنصح الإخوة جميعاً بتوفير وتحصيل أكبر قدر ممكن من المعرفة، سواء في العلوم الشرعية أو العلوم التقنية مثل المعلوماتية أو الإلكترونية أو تعلم اللغات والترجمة أو غيرها من العلوم النافعة، وذلك لكي تنفعه في رحلته الجهادية ويفيد إخوانه بها وهو في معسكرات التدريب والإعداد ، فإن المجاهدين بحاجة إلى كل هذا وزيادة، والمؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف، والضعف هنا يتجلى أساساً في الجهل بهذه العلوم كما أن القوة تتجلى في استيعاب هذه العلوم والتقنيات بل والتعمق في استعمالها .
أكيد أن نية نفيرك هو من أجل نصرة إخوانك في المقام الأول، ولابد أن تشوبه كذلك نية الذهاب من أجل الإعداد وقبلهما نية نصرة الدين وإعلاء كلمة الله ابتغاء نيل الشهادة كجزاء أخروي يتمناه كل مسلم، ويكفيك شرفاً أنه كان أمنية خير البشر أجمعين ، محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه أجمعين.
هذا فيما يخص تهذيب وتصويب هذه الرغبة الشديدة لديك للنفير، وقبل ذلك ينبغي تكثيف طلبك للعلم الشرعي الصحيح النافع الذي سيساعدك في عالم الدعوة والتحريض أخي الفاضل، فلا تستهن بهذا الثغر العظيم الذي يحتاج إلى مخلصين، ولا تنس ميدان الإعلام الجهادي الذي هو الآخر بحاجة إلى أمثالك، وهذا جهاد عظيم الفائدة لو تعلم، أقول هذا في انتظار أن يأمر الله ويأذن بالنفير.
فلا تحزن على عدم نفيرك إلى ميادين القتال كما تتمنى، فلكل أجل كتاب ، وعسى أن يكون في هذا التأخير خير عظيم لا تدركه، بل افرح أن منحك الله ما لديك من مواهب وإرادة التغيير لتنفع الإسلام ولكي تفجر طاقاتك فيما ذكرت، فهناك الكثير من الإخوة والأخوات يهجرون مواقع قد تكون في أشد الحاجة إليهم بحجة أنهم يريدون النفير للفوز بالشهادة، بينما هم يستطيعون إدراك هذا الأجر العظيم وحتى أجر الشهادة نفسها وهم جالسون في محيطهم وبلدهم الذي هو ربما في أشد الحجة إليهم.
أقول هذا الكلام عن تجربة أخي الفاضل، فنحن لا نعلم أين الخير والمصلحة، هل في النفير أم في الرباط في المحيط الذي نعيش فيه لنكون سبباً في هداية غيرنا ونشر الفهم الصحيح عن ديننا وتحريض المسلمين من أجل المشاركة في مختلف أعمال الخير والتفقه في الدين، ومحاربة المذاهب البدعية، ونشر الوعي الجهادي في النفوس، وهذه أعمال قد لا نجد أحداً يقوم بها لو أننا هاجرنا جميعاً بحثاً عن الشهادة، وقد ننال هذه الشهادة في المحيط الذي نتحرك فيه.
هذا ليس تثبيطاً ولكنه عمل لابد منه في انتظار أن يفتح الله ويسهل لك طريقاً للنفير حيثما تريد ولكن حينما تتوفر الشروط الشرعية والظروف الواقعية لذلك.
مسألة النفير وشروطها تختلف من جبهة إلى أخرى، فكل واحدة لها خصوصياتها والمرحلة التي تتواجد فيها المسيرة الجهادية ، من قدرات متفاوتة على مختلف الأصعدة ، الدعوية واللوجستية وتأمين القواعد ووجود المربين والكوادر الكافية لاستيعاب القادمين الجدد وغيرها من الظروف والشروط الواجب توفرها في الأرض التي يود الأخ أن ينفر إليها.
فكما سبق القول، ليس النفير غاية في حد ذاته بل هو وسيلة لتقوية صفوف المجاهدين وتحقيق واجب النصرة قبل كل شيء، ثم بعد ذلك يمكن للأخ أن يبحث عن الأجر والشهادة حينما يتوفر عنصري الصدق والإخلاص.
ومن هنا يمكننا القول أن ساحة جنوب الجزيرة العربية تختلف عن الساحة الصومالية التي بدورها تختلف عن ساحة المغرب أو الساحل الإسلامي، وهذه الأخيرة تختلف كذلك عن الساحة في بلاد خراسان مثلاً أو بلاد الشام وهي الجبهة الأخيرة التي فُتح فيها باب الجهاد والتي تتطلب شروطاً خاصة في الذي يريد النفير إليها.
الجهاد اليوم في سوريا – بالرغم من أنه فرض عين على كل المسلمين من أجل نصرة إخوانهم ، إلا أنه لو قام ما يكفي من المسلمين لسد هذه الثغرة والقيام بهذا الواجب سقط عن الباقين -، لكن هذا الجهاد يحتاج إلى مجاهدين من نوع خاص نظراً لظروف المرحلة التي يمر بها المجاهدون في سوريا بسبب شدة الحصار وضرورة معرفة الواقع معرفة جيدة جداً وامتلاك خطط ومؤهلات شخصية متميزة بحيث تسمح للمجاهد بالتحرك بكل حرية ووسط ألغام عديدة لا يمكن أن يتجاوزها وينجح في تجاوزها إلا أهل البلد العارفين جيداً والملمين بخبايا الأمور على أرض الواقع.
وأعتقد أن الإخوة وأهلنا في سوريا يحتاجون اليوم – إلى جانب المقاتلين والمناصرين – أكثر إلى الدعم المادي من أموال وأدوية وأغذية ومحاولة فك الحصار المضروب عنهم منذ شهور، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بفضل الله وحده ثم بفضل ضربات المجاهدين الصادقين بما آتاهم الله من بسطة في العلم العسكري والاستراتيجي والجسد لتنفيذ هذا العلم على أرض الواقع.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى ينبغي على المجاهد الذي يريد أن ينفر إلى أرض الجهاد في سوريا أن يكون مؤهلاً من الناحية الجسدية أو الصحية لكي لا يكون عالة ولا يشكل ثقلاً على إخوانه في الظروف العصيبة التي تعلمون، وربما تتسبب لهم في بعض المشاكل التي هم في غنى عنها، ويُستثنى من هذا الأمر الأخ الذي يمتلك بعض الاختصاصات الفريدة التي يحتاجها المجاهدون في هذه المرحلة الحساسة ولا يمتلكها غيره، ومن ثم فإن نفيره إلى هناك يصبح ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها حتى لو كان مريضاً أو عاجزاً.
نقطة أخرى ربما أقل أهمية من سابقاته هي أن الغاية من الجهاد في سوريا اليوم ليس فقط ابتغاء الشهادة ، بل ينبغي أن نفكر في مصلحة مسيرة الجهاد خاصة وهي ما زالت في مهدها وبدايتها، ويلزمها أناس يكون هدفهم بناء الأسس والأركان الأولية لهذه المسيرة، وحينما تقوم هذه الأسس وتتوسع الجماعة وتكون قادرة على استيعاب أعداداً أكبر وجميع أنواع المتطوعين، فإنه حينئذ يجوز لكل واحد أن ينفر متى شاء لأنه سيجد المؤسسات الجهادية قائمة ومؤهلة لكي توظفه أو تكونه وتضعه في المكان المناسب فيما بعد.
بالنسبة لمن هو مريض ، أعتقد أنه من الأفضل أن ينتظر ظروفاً أخرى لكي يقرر النفير، ويركز على محاولة البحث عن أسباب الشفاء لما يعانيه من أمراض، ويهتم بمحيطه فيكون خير معين وخير داع إلى الخير، كما ينبغي أن يساهم في الدعوة وتحريض غيره على الجهاد والنفير بشرط أن يكون هؤلاء المدعوين مؤهلين وصالحين للمرحلة الحالية لمسيرة الجهاد في سوريا.
ومن جهته يمكن لهذا الأخ أن يقوم بأعمال أخرى تعادل أجر الجهاد إن شاء الله تعالى، من قبيل أن يخلف أهل إخوانه الذين نفروا بخير، فينوب عنهم بالقيام على طلباتهم وحمايتهم، أو يساهم في عملية التمويل وباقي الأعمال اللوجستية التي يحتاجها الإخوة قبل النفير، أو قد يحتاجها المجاهدون في ساحات القتال، ويبقى هذا الأخ صلة وصل بين من نفر من الإخوة وبين الإخوة الذين لا زالوا في محيطه ولديهم إمكانيات وإرادة النفير في المستقبل القريب.
كما أنصح هذا الأخ الذي أقعده المرض أن يدعو لإخوانه في ساحات القتال ولا يبخل عليهم بما يستطيع من دعم مادي ومعنوي ومساهمة مكثفة في تحريض المؤمنين ونشر أخبار المجاهدين في المحيط الذي يتحرك فيه، ويساعد إخوانه الذين قرروا النفير بكل ما يستطيع ولو بالدعاء، وأسأل الله تعالى أن يكتب له أجر النفير والجهاد والشهادة إن شاء الله، كما أنصح كل أخ مديون أن يعجل بتسديد ديونه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، لأن الدين عظيم عند الله وحتى الشهيد نفسه سيبقى معلقاً عند باب الجنة بسبب ديونه التي لم يؤدها، نسأل الله تعالى أن يفرج عن إخواننا ويعينهم على تسديد ما عليهم من دين والنداء إلى أهل الخير والفضل أن يساعدوا المعسرين لفك ديونهم ويساهموا في فتح أبواب الجهاد أمامهم ليفوزوا بأجر المجهزين للغزاة : ” من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا”.
في انتظار ذلك أدعو كل أخ صادق أن يهتم كثيراً بتقوية نفسه وملئ كل الثغرات الموجودة، من تفقه في الدين وتعلم العلوم اللازمة في مختلف الميادين الدعوية والإعلامية ليكون مجاهداً في ميدانه ومحيطه، واعلم أن أمة الجهاد بحاجة إلى كل عمل صالح تقوم به خالصاً لله عز وجل.
كما لا ينبغي أن تنسى دورك كأب ومربي للأجيال القادمة، فنحن بحاجة إلى مربين من الطراز العالي المتميز جداً لكي يخرجوا لنا أجيال الجهاد والتحرير في المستقبل القريب جداً، وهذه مهمة جبارة لا يقدر عليها إلا من هو مؤهل تأهيلاً جهادياً مميزاً. فلا تضيع الوقت فيما لا ينفعك بل املأ وقتك بالنافع من العمل وتعلم كل ما يمكن أن يعينك على مهامك في المستقبل القريب.
وفي الختام نسأل الله أن يسهل على إخواننا جميعاً المجاهدين منهم والأنصار، ويكتب لهم أجر الجهاد كاملاً غير ناقص، ويكونوا كالجسد الواحد، كل عضو يساهم بما هو من اختصاصه ليتحقق التكامل في العمل والوظائف، وينصرهم على أعدائهم ويثبتهم على الحق ويرزقنا وإياهم شهادة في سبيله، إنه نعم المولى ونعم النصير.

_________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]