New article from Dr. Iyād Qunaybī: "Demonstrations With the Left and the Erosion of the Ikhwān"

السلام عليكم ورحمة الله.
إخوتي الكرام وردني التساؤل التالي:
(انتشرت منشورات يُدعى فيها إلى مشاركة القوة الثورية غير الإسلامية (ليبرالية أو يسارية أو ألتراس) في الفعاليات ضد العسكر، وفى نفس الوقت هجوم شديد معتاد على الإخوان، ومن ضمن أسباب الهجوم عدم نقاء الراية. أليس هذا تناقضا؟ مشاركة أصحاب الرايات غير الإسلامية في وقت هجوم على المسلمين أنفسهم لعدم نقاء الراية؟).
فأود أن أقول:
أولا: المشاركة في أية فعالية تعتمد على أمور منها مطلب هذه الفعالية ورايتها. فإن كان المطلب إنهاء حكم مجرم أو الاعتراض على قانون يكرسه أو رفع ظلم وقع منه على الناس (كالسجن) فهو مطلب مشروع يُعان عليه البر والفاجر والمسلم والكافر ومنتسبو الأحزاب “الإسلامية” وغير “الإسلامية”.
 
ثانيا: مشاركة أحزاب مبنية على أساس مناقض للإسلام كاليسارية والليبرالية لا يكون مقبولا في كل حال، حتى لو كان مطلبها مشروعا. فإن كان أفراد هذه الأحزاب يشاركون بصفتهم الفردية كأشخاص فلا إشكال, لكن إن كانوا يرفعون راياتٍ أو شعارات يظهرون فيها يساريتهم أو ليبراليتهم، فإنهم لا يُعانون على ذلك بل يجب الانحياز عنهم ومفارقتهم، فحتى لو كان مطلبهم مشروعا فإنهم في أثنائه متلبسون بصفتهم المصادمة للإسلام. ففي مشاركتهم في هذه الحالة تقوية لشوكة باطلهم، ورفعهم لشعاراتهم وراياتهم في هذه الحالة تهيئة للمحاصصة في أي نظام جديد يقوم على أنقاض النظام الذي يثورون عليه. والمسلم يربأ بنفسه عن أن يستبدل باطلا بباطل.
 
ثالثا: بخصوص الهجوم على الإخوان فأنصح إخوتي الذين يهمهم رأيي أن يُغلبوا في هذه المرحلة تألُّف الإخوان ومراعاة الكسر والأذى الذي نالهم منه أكبر نصيب. فمن تابعني يعرف أني لا أبرر أخطاءهم ولا أخطاء غيرهم، وسميت أفعال قادتهم بمسمياتها وقت كانوا في الحكم. أما الآن فينبغي ألا يشغلنا العمل على تنقية المنهج وبيان الخلل عن الشدة على العدو المشترك وبيان تآمره على الإسلام وأهله وتوعية المضلَّلين من الناس ألا يفجروا ويظلموا الإخوان. وبالإمكان إعلان براءتنا أمام الناس من الأخطاء التي مورست لكن دون تجريح في هذا الوقت العصيب.
هذا كله مع التأكيد على ما ذكرتُه في كلمة (يا أهل مصر تعالوا نضمد الجراح) من أن الفعاليات والتظاهرات والمسيرات وحدها لن تؤدي إلى المطلوب، إن لم يصاحبها تصحيح المسار ودعوة الناس وإبراز قيادات تكتسب الثقة، لأن سقوط العسكر لن يكون وحده كافيا لصعود أصحاب الهم الإسلامي.
ختاما أذكر مقتطفات من رسالة للشيخ أبي محمد المقدسي فك الله أسره، أخرجها من سجنه، يذكر فيها أحبته بما يناسب المرحلة من التعامل مع الإخوان. قال الشيخ –متع الله الأمة بحريته-:
” وأتذكر قول النبي صل الله عليه وسلم في غنائم حنين لما أعطاها لقريش فقال صلى الله عليه وسلم معتذراً للأنصار معللاً فعله ذاك بأن (قريشاً حديثو عهد بجاهليه ومصيبة، وإني أردت أن أجْبُرَهم وأتألفهم) رواه الترمذي.
فتأمل مراعاته للمصيبة، والمقصود بها نكبتهم بفتح مكة وانتصار المسلمين عليهم.. فتأمل هذا الخلق العظيم، مع أن نكبة قريش ومصيبتهم كانت على يد أعدل الخلق، فكيف حين تكون النكبة لمسلمين على أيدي أعداء الدين؟ أليس جبر خواطر المسلمين ومراعاة مصيبتهم في مثل هذه الحالة أولى وأجدر.”
وقال عن الإخوان أيضا:
“في وقت نكبتهم وابتلائهم وتسلط نظام الكفر وجيش الطاغوت في مصر عليهم؛ قتلاً ومطاردةً وسجناً وتعذيباً، وتعرضاً لنسائهم وبناتهم وأخواتهم اللاتي هن أخواتنا وأعراضنا، يسوؤنا ما يسوؤهن، ويؤلمنا ما يؤلمهن”.
وقال: “علَّمَنا الله تعالى في مقابل ما طلبه منا من براءة كاملة من الشرك وأهله كما في قوله: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بُرَآء منكم ومما تعبدون من دون الله}؛ فإنه سبحانه قال في شأن المؤمنين: ((واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين. فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون)).
فتأمل الفرق بين البراءة الكاملة من المشركين، والبراءة الجزئية من المؤمنين والمتمثلة بالبراءة من معاصيهم فقط، دون البراءة منهم أنفسهم”.
وقال مبينا أنهم لا يعامَلون معاملة واحدة: “فلتعلم الدنيا كلها أننا لا نكفّر الإخوان المسلمين، بل هم عندنا مسلمون وإن خالفونا في كثير من المسائل بعضها في المنهج والأصول، فهم وأتباعهم وأنصارهم ومُؤيدوهم بالألوف على مراتب شتى، فيهم العالم والجاهل، وفيهم المطيع والعاصي، وفيهم المتعلم والعامي، ومنهم من تلطخ ببعض نواقض الإسلام من حكم بغير ما أنزل الله، أو مشاركه في التشريع، أو أقسم على احترام الدساتير الكفرية، أو أثنى على القوانين الوضعية وقُضاتها ومحاكمها، ومنهم من لم يقارف شيئاً من ذلك، وكلٌّ يعامَل بما يستحقه، ولا يجوز أن يتجاوز فيهم حدود الله بأن يعامَلوا جميعهم بمعاملة من نراه قد قارف بعض النواقض؛ فيؤذى الخليُّ منها بجريرة المتلطخ بها، فليس هذا من العدل في شيء”
وقال عن التيار الجهادي:
“هكذا يجب أن تكون صبغة تيارنا، وهكذا ينبغي أن يكون نهج أبنائه وأخلاق قادته ومشايخه ومرجعياته، فهم أحق الناس بالعدل في الناس إذ يظلمهم الناس، وهم أولى الناس بإنصاف الناس إذ يبهتهم الناس، لأن من تجرع الظلم ينبغي أن يكون من أشد الناس بغضاً له وفراراً من التخلق به”.
وقال:
“فلا يجوز وضع الجماعات الإسلامية – الإخوان المسلمين أو غيرهم – جميعاً في كفة واحدة وحكم واحد، وتحميل من لم يقارف ناقضاً مسؤولية من قارفه، ولا حتى من قارفه متأوِّلاً غير ممتنع بشوكة ولا محارب للدين، بمن قارفه عامداً وممتنعاً بشوكة ومحارباً للدين وأهله”.
وقال:
“فلنتقِ الله ولنقل قولاً سديداً، ولنتقِ الله في المسلمين المنكوبين الذين يتسلط عليهم ويتآمر الطواغيت والمرتدون وأنصارهم، ولا نُسْلمُهم لهم، ولا نخذلهم أو نظلمهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسْلمُه) رواه البخاري ومسلم”.انتهى من كلام الشيخ فك الله أسره ونفع المسلمين به في هذا الزمن العصيب.
أسأل الله أن يهدي الإخوان إلى ما يحب وأن يستعملهم في طاعته وأن يفرج كربهم ويجمع على الحق كلمتنا وكلمتهم ويهلك عدونا وعدوهم.
ملاحظة: مقالي هذا ليس ردا على مقال لأي أخ أو جماعة بعينها، وأرجو ألا يورد أحد في التعليق اسم أحد على أن المقالة رد عليه، فلا أريد أن أنسب إلى أحد ما لعله لم يقصده. إنما المقال توضيح لمنهج عام.
والسلام عليكم ورحمة الله.

_____________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]