New article from Dr. Iyād Qunaybī: "What After the Victories In Iraq?"

السلام عليكم ورحمة الله. هذه كلمة بخصوص انتصارات أهل السنة الأخيرة في العراق. 
بداية نقول هنيئا لأمة الإسلام انتصار أبنائك على الجيش الذي طالما سام أهل السنة في العراق سوء العذاب. هنيئا لك تحرر الآلاف من أهل السنة من السجون بعد معاناتهم الـمُرة فيها لسنين.
ثم أود بعد ذلك أن أشير إلى بعض النقاط:
أولا:
1.  لا يستطيع البعض التخلص من رواسب حياة الغفلة، حتى بعد “الالتزام”. من ذلك عقلية شخصنة الخلافات والتعامل بعقلية مشجعي كرة القدم (أنت مع فريقي أم ضده؟).
2.  بعد تحرير الموصل علق البعض بتعليقات “الشماتة” على اعتبار أن “فريق الدولة” أدخل هدفا في مرمى “الفريق الآخر”، فلا بد “للفريق الآخر” أن يكون مقهورا حاسدا!
3.  ما لا يدركه هؤلاء هو أننا نأتمر بما أمرنا الله به، من أن نجعل ولاءنا لمن يسلك ما نراه الصراط المستقيم أيا كان هذا السالك. فإن اقتربت جماعة “الدولة” أو غيرها منه أحببناها وواليناها بقدر اقترابها، وإن ابتعدت هي عن الصراط أو غيرها –ممن دافعنا عنه يوما- فقد من موالاتنا بقدر بُعْدِه، ورأينا نصرته –كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم- بالأخذ على يده، والذي هو في حالتي أخذ فكري وشرعي.
4.    وبالتالي فيسرنا جدا أن نرى أية جماعة تقترب مما نراه حقا. وليس بيننا وبين أي منها عداوة غير قابلة للإصلاح.
ثانيا:
5.  الظاهر أن الانتصارات المتوالية في العراق اشتركت فيها عدة مكونات من ثوار العشائر وجماعة الدولة وغيرها. وليس في هذا هضم لحق الجماعة، بل يحسب لها أن تنسجم مع مكونات المجتمع السني في مواجهة العدو المشترك، وهذا ما نتمناه منها في الشام أيضاً. أما حصر الإنجازات في جماعة الدولة فهو ما يقوم به الإعلام، والذي يُبرز جماعة الدولة على أنها حصرا صاحبة الحرب، عزلا لها عن حقيقة أنه شعب سني ينتفض بكافة مكوناته. وإذا نجح في عزلها إعلاميا فسيسعى إلى إيقاع الضغينة بينها وبين سائر مكونات المجتمع السني وضرب هذه الكتلة بحجة إنقاذ مجتمع تسلطت عليه مجموعات “إرهابية”.
6.  فالواجب خوض حرب إعلامية بشكل عكسي تُظهر أنها ثورة مجتمع سني تكاتف وترك خلافاته جانبا في وجه العدو المشترك، ونجحت جماعة الدولة حتى الآن في الانسجام معه وقيادة ثورته وكانت رأس حربته.
ثالثا:
7.  لا شك أن هناك جانبا من الانتصارات يُفرَح به على كل حال، فكل مسلم يحب انتصار المسلمين واندحار جيش المالكي الذي سام المسلمين سوء العذاب وفكاك أسرى المسلمين من سجونه. وهذه بحد ذاتها أمور لا تسوء إلا المنافقين. لكن اكتمال الفرحة أو انقلابها حزنا -لا قدر الله- مرتبط بما بعد هذه الانتصارات.
8.  فما نتمناه في قابل الأيام أن يؤدي وقوع السلاح والمال بيد المسلمين من جماعة الدولة وثوار العشائر إلى مزيد تحرير لأهل السنة المضطهدين وتطهير العراق من سيطرة أذناب أمريكا، وألا يقع قتال بينيٌّ، وألا تتكرر الأخطاء. فحينئذ لا والله ما لنا إلا الفرح والابتهاج وحضهم على أن يفعلوا مثل ذلك في الشام.
9.  ونسأل الله ألا يستزلهم الشيطان في استعمال شيء مما غنموه في الاقتتال مع المسلمين، لا في العراق ولا في الشام، ولا في الشام، فيكون في ذلك -لا قدَّر الله- نقمة على المسلمين لا نعمة.
رابعاً:
10. جماعة الدولة في ولاية نينوى أصدرت اليوم الرابع عشر من شعبان وثيقة وعنونتها بــ(وثيقة المدينة)، وهي في عمومها طيبة. لكننا نسأل الله أن يهدي الجماعة إلى التراجع عن البند العاشر منها، والذي جاء فيه:
(وأما المجالس والتجمعات والرايات بشتى العناوين وحمل السلاحِ فلا نقبلها البتة لقولِهِ صلى الله عليه وسلم: ((من أتاكُم وأمرُكم جميع على رجلٍ واحدٍ يريدُ أن يشقَّ عصاكُم أو يفرِّقَ جماعتَكُم فاقتلوهُ)) “وفي رواية أخرى لمسلم:فاضربوه بالسيف، كائناً مَن كان”) هكذا جاء في بيان الجماعة.
فنحن لا نرى انطباق الحديث على واقع العراق ولا أنه قد قامت به دولة إسلامية بحاكم شرعي مبايَع. وهذا لا يقلل من إنجازات الجماعة الأخيرة، لكن هذه الإنجازات لا تعني أنه قامت بالعراق دولة إسلامية بحاكم شرعي مبايَع اجتمعت عليه كلمة المسلمين ويحق له أن يلزمهم بألا يجاهدوا إلا تحت رايته وإلا اعتبروا خارجين عليه مستحقين للعقوبة.
 
وعلى فرض أنها دولة وبحاكم شرعي، فإن الحديث يتكلم عمن جاء يفرق الجماعة، لا عمن حمل السلاح لقتال عدو مشترك. لذا، فلا يصح قولهم: (وأما المجالس والتجمعات والرايات بشتى العناوين وحمل السلاحِ فلا نقبلها البتة) ونسأل الله أن يهديهم للتراجع عنه، فلا مصلحة في نزع سلاح من يقاتل عدوا مشتركا. 
خامساً:
11.نتمنى أن تأخذ جماعة الدولة درسا من العراق يؤثر على ثورة الشام إيجابا. فقد رأينا منها تعاونا مع مكونات تختلف معها في المنهج ولكن على هدف مشروع. فهلا رأينا تعاونا مماثلا مع أهل السنة في الشام على الهدف المشروع؟
12.أقول هذا وأنا لا أرتضي كثيرا مما تفعله الفصائل الأخرى –مثل الجبهة الإسلامية- كما وضحت مرارا، ومع أني أعلنت مآخذي الشرعية على بعض توجهاتها مؤخرا. لكني مع ذلك لا أقر انشغال أي فصيل بالآخر عن العدو الأصلي المشترك.
13.كل ما يهمني في النهاية أن يسير الجهاد في العراق والشام وغيرهما من بلاد المسلمين نحو نصرة المستضعفين وكف يد الكفار والمنافقين وإقامة دين الله تعالى والتحرر من هيمنة النظام الدولي. وفي ذلك أسعى إلى كف كل جماعة عن الاقتتال مع الجماعات الأخرى ليتعاونوا جميعا على الهدف المنشود، وأنشر ما أراه يسهم في تصويب مناهجها جميعا منعا للانحراف.
سادسا:
14.يشير البعض إلى وجود تداخلات إقليمية ودعم لبعض مكونات الحراك العراقي. وهذا –إن صح- لا يقلل من شأن الانتصارات ولا يـُجَوز اختزالها في نظرية مؤامرة.
 كما أننا لا نحاسب المسلم على مراد أعدائه منه. فقد يمكرون ويخططون ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون. ومفتاح ذلك استجلاب معية الله تعالى بالتزام أمره ليكيد لعباده.
لكن الواجب بلا شك أن يكون أهل السنة في العراق على حذر من عبث الأطراف الخارجية بثورتهم وجهادهم وتجييرها لغير صالح المسلمين.
سابعا:
15.لا علاقة للإنجازات الأخيرة لجماعة الدولة بالسياسات الخاطئة التي نقدناها سابقا وننقدها في الشام. فإنجازاتها لا تعود بالإبطال على موقفي من أفعالها بالشام، لأني ما كنت أحكم على نوايا ولا أتهم بالتبعية لجهة، وإنما أحكم على أفعال أنها غير شرعية ومخالفة لدين الله تعالى، ولا زلت أرى ذلك. فلا أصحح أخطاءها بإنجازاتها، ولا أنسف إنجازاتها من أجل أخطائها. وكما نخطئ أفعالها بالشام بالظاهر دون حكم على النوايا، فإنا نمتدح إنجازاتها الأخيرة بالعراق بالظاهر دون حكم على النوايا، ونسأل الله أن تسير في الشام سيرتها بالعراق.
ثامنا وأخيرا:
16.كلمة حق أننا رأينا من جماعة الدولة في الموصل بطولة ورحمة بالمسلمين وحسن إدارة وانضباطا وتألفا لقلوب الناس وحسن خطاب لهم. وهذا ما نتمنى أن تستمر عليه وتَفْعل مثله في سائر مناطق تواجدها بالعراق والشام، وألا تستأثر بالأمر وأن تكون علاقتها بسائر مكونات المجتمع السني تشاركية تعاونية على البر والتقوى وإقامة دين الله تعالى. فإن فعلوا فهم إخواننا لهم علينا حق النصرة والتأييد.
اللهم انصر عبادك المجاهدين من كافة الفصائل في العراق والشام. اللهم نقِّ مناهجهم وصوب رأيهم وسدد رميهم واجمعهم على ما تحب وترضى وأعنا على نصرتهم. والسلام عليكم ورحمة الله.

__________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]