New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "The Syrian Operation and the Desired Solution"

بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت مقالة بتأريخ (8 صفر 1433هـ) أي قبل أربعة أشهر من الآن محذراً الثوار في سوريا من الركون للجامعة العربية أو المنظمات الدولية ، وإليكم بعض ما جاء في تلك المقالة والتي هي بعنوان “المستجيرون بالنار” : 
“لقد أخبرنا الله تعالى بوجود شياطين إنس فقال في كتابه {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا…} (الأنعام : 112) ، فبدأ بشياطين الإنس لعظم خطرهم ، وأخبرنا بأن الشيطان لا يأتي الإنسان دفعة واحدة ، وإنما يتدرّج معه في خطوات متتابعة لإفساد قضاياه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (البقرة : 208) ، وشياطين الجامعة العربية لم يحيدوا عن أسلوب معبودهم حيث اتبعوا خطوات عمليّة لإفساد كل قضية تحقق مصلحة للمسلمين في العالم العربي وخارجه ، ولعل مثَل القضيّة السورية مثاليّ لبيان حقيقة مكر هؤلاء وخبثهم ، فما هي بعض خطواتهم المتّبعة لقتل القضيّة السورية :
1- إعلانهم تبنّي القضية السورية نيابة عن الثوّار ، وهذا يجعل بعض الثوار يعلّق عليهم الآمال فيفتر : لاعتماده عليهم .
2- دعم الحكومة السورية بالمال والمعلومات ، وقد أعطت الحكومة”السعودية” أكثر من ثلاثمائة مليون دولار لبشار في بداية الثورة ، ولا ندري عن المبالغ التي وصلته بعدها من بقية الدول العربية ، ولا نستبعد أن يكون”المجلس الوطني السوري” مصدر معلومات للنصيرية .
3- إطلاق الوعد تلو الآخر ، وجعل فراغ زمني بين هذه الوعود ليجعلوا الشعب السوري في حالة ترقّب وقلق دائمين .
4- إخلاف هذه الوعود وتسويفها وتأخيرها والتعديل عليها يجعلها هي قضية بذاتها فتتحوّل الأنظار إليها ويتشتت التركيز .
5- إذا عملوا على تحقيق وعد – ولو شكلي – فإنهم يجعلون هذا التحقيق قضيّة بحد ذاتها يسلطون عليه الإعلام للتغطية على أمور أخرى : كما يحدث الآن في قضية”المراقبين العرب” الذين أصبحوا بحد ذاتهم قضية في الإعلام ، وأقنعوا الناس بأن وصولهم إلى سوريا يعد إنجازاً كبيراً بحد ذاته ! ونسي البعض أن هناك ثورة سورية وأن هناك قتلى بالعشرات كل يوم ! وكل يوم سيخرجون بفكرة مشابهة أو ابتكار مختلف يشغل الناس ويصرفهم عن لب الأمر .
6- يوحون باختلاف تصريحات هؤلاء المراقبين ليشتتوا الرأي العام ، وليجعلوا الشعب السوري في موضع دفاع عن حقيقة ثورتهم وأنها فعلاً موجودة ، وهذه ربما لا يجرؤ عليها إبليس ذاته ، فالمسكين لا زال تلميذاً عند هؤلاء الشياطين .. 
7- كل هذه الإنجازات الفارغة والوعود الكاذبة المتتالية تصيب الناس بالإحباط واليأس ، وهذا ما يريدون .
8- في ظل هذا اليأس وهذا الإحباط من الناس وهذا الدعم للحكومة السورية عن طريق المال والمعلومات وعن طريق صرف النظر عن القضية الأساسية : يشتد القمع النصيري للمسلمين في سوريا ..
9- في ظل هذا التشتيت الذهني والإعلامية ينسى الناس حقيقة أن هناك دعم رافضي للنصيرية عن طريق العراق وإيران ولبنان ..
10- وفي ظل هذا الدجل الإعلامي والتضليل العربي ينسى الناس حقيقة هذه الحرب الدينية بين النصيريّة الكفار وبين شعب سوريا المسلم ، ومن المحزن أن ينادي بعض الثوار السوريون “بنبذ الطائفية” في الوقت الذي يجنّد فيه النصيرية أتباعهم ويسلّحونهم لقتل المسلمين وهتك أعراضهم بمعيّة إخوانهم من رافضة إيران والعراق ولبنان !!
11- لقد استطاع الإعلام العربي – الموجّه من قبل حكومات جامعة الدول العربية – صرف الناس عن حقيقة هذه الثورة ، وأنها في حقيقتها من الجهاد في سبيل الله ، واستطاعوا جمع مجموعة من المرتزقة – اختارتهم أمريكا والصهاينة – ليجعلوهم ممثلين للمسلمين في الداخل السوري ، وافتعلوا بينهم معارك سياسية ليزيدوا من شغل الداخل السوري ومن تشتيته الذهني وإحباطه ليما يرى من اختلاف ممثّليه الذين لا يعرفهم ولم يختارهم أصلاً !!
12- يجب أن لا يغيب عن ذهن أي مسلم بأن إعلان تدخل”جامعة الحكومات الشيطانية” في بداية ثورة ليبيا كان بأمر من أمريكا لحماية المصالح الغربية الإقتصادية والأمنية ، وأن تدخلها اليوم في سوريا هو أيظاً بأمر أمريكيّ لحماية المصالح الأمنية اليهودية ..
13- كل ما فعلته هذه “الجامعة الشيطانية” هو : كسب المزيد من الوقت للكيد بالمسلمين في سوريا وقمع ثورتهم ، وإيقاف هذا المد الثوري في الوطن العربي حتى لا يطالهم الواحد تلو الآخر ، فهم أشد حرصاً من النصيرية واليهود والنصارى على إيقاف هذه السلسلة الثوريّة وكسرها ، ولا بد من كسرها في سوريا لأن الشعب السوري من أشد الشعوب الإسلامية بُغضاً ليهود ..” (انتهى النقل عن المقالة) ..
هذا ما كتبته قبل أربعة أشهر ، وهو عين ما حصل (ويحصل) في سوريا خلال هذه المدة ، فهذه الجامعة العربية الشيطانية التي أسسها البريطانيون لم تكن يوماً خادمة لمصالح العرب ولا ناصرة لقضاياهم ، وإنما هي خادمة لمصالح الطغاة المتسلطين على بلاد العرب ، وجميع الطغاة اليوم عندهم هدف واحد لا يمكن لهم التنازل عنه لأنه مصيري في نظرهم ، وهو :إيقاف السلسلة الثورية في البلاد العربية ، وقد نجحوا نجاحاً كبيراً في اليمن ، وهم بصدد تفعيل مكرهم في سوريا ، ولا زالوا يمكرون بمصر وتونس لإفشال الثورتين وإحباط الشعوب وإقناعها بعدم جدوى هذه الثورات ..
إن هذه الدماء الغالية لهذه الشعوب المظلومة التي تسيل على أودية الشام وهضابها صارت ألعوبة في يد شياطين الجامعة العربية الذين استعانوا بالمنظمات الدولية ليُكملوا لهم هذا المكر وهذا الكيد بالمسلمين .. فهذا “كوفي عنان” وخطّته التوافقيّة ، ومن قبل “التصريحات الناريّة” التي أطلقها وزيرا خارجية قطر والسعودية ، والإجتماعات واللقاءات والمؤتمرات الإستثنائية ، وغيرها من الجرعات التخديرية التي يتفنن هؤلاء بحقنها في وريد الثورة السورية ، هي ذاتها التي حقنوها في القضية الفلسطينية لتصبح أكبر قضية لُعب بها على مر تأريخ البشرية ، ولذلك قلنا : “فلسْطَنة سوريا” ..
ستستمر هذه الخطط وهذه المبادرات وهذه المؤتمرات لتهلي المسلمين عن حقيقة ما يجري ، وسيُفاجأ السوريون –كما تفاجأ الفلسطينيون – بأنهم هم الإرهابيون ، وأن الحكومة النصيريّة ضحيّة لإرهاب الشعب السوري كما الحكومة الصهيونية ضحية للإرهاب الفلسطيني ، وسيسمع السوريون شجب واستنكار المنظمات الدولية لعلمياتهم الدفاعية في سوريا ، وسيزيد التعاطف الدولي مع الحكومة النصيرية في مواجهة الشعب الإرهابي المدافع عن نفسه ، وسيقف”المجتمع الدولي” ضد الإرهاب السوري ، وسيطالب الجميع بوقف القتال والجلوس على طاولة المفاوضات ، ولا ندري إن كانوا سيُبقون على النصيرية حكاماً أم يستبدلونهم بنسخة أخرى مسخ تحافظ على حدود يهود وتقمع الشعب السوري وتلهيه عن قضايا أمته ..
ما هو المخرج من كل هذا الكيد والمكر والدجل العربي والدولي الذي اتفق على إفشال الثورة السورية– والثورات الأخرى – لترجع الشعوب العربية إلى سريرها وتستأنف سباتها الطويل ليبقى الطغاة على عروشهم قريري العين يسرقون خيرات البلاد ويهتكون أعراض العباد ويَفْجرون ويحاربون الدين ويقتلون كل أمل لهذه الشعوب المسلمة بالعيش الكريم في بلادهم وبخيراتهم وبما ضمنه لهم دينهم !!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم” (أحمد وأبو داود والطبراني ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 423) . قال في عون المعبود : “(وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع) حُمل هذا على الإشتغال بالزرع في زمن يتعيّن فيه الجهاد(وتركتم الجهاد) أي المتعيّن فعله (سلط الله عليكم ذلاً) بضم الذال المعجمة وكسرها ، أي صغاراً ومسكنة ، ومن أنواع الذل : الخراج الذي يسلمونه كل سنة لملاك الأرض .وسبب هذا الذل – والله أعلم – أنهم لما تركوا الجهاد في سبيل الله ، الذي فيه عز الإسلام وإظهاره على كل دين ، عاملهم الله بنقيضه وهو إنزال الذلة بهم فصاروا يمشون خلف أذناب البقر بعد أن كانوا يركبون ظهور الخيل التي هو أعز مكان . قاله في النيل” (انتهى) .. 
إن الذل الذي أصاب الأمة الإسلامية سببه الأوّل : ترك الجهاد ، ولما اتّبعت جموع الأمة أذناب البقر الحيواني والبقر الإنسي والبقر الفكري سلّط الله عليها حكاماً من النصيرية ومن الرافضة واهل الردّة والشيوعية والنصرانية وغيرهم من ملل الكفر في الأرض يسمومونهم سوء العذاب ، سنّة الله التي خلت في الأمم السابقة ، ولا والله لن تجد الشعوب عزّتها المسلوبة إلا على صهوات الجياد المقتحمة لساحات الجهاد يَطلب مَن فوقها الشهادة في سبيل الله ، وهذا نصّ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيّناً هذه الحقيقة الكبرى التي دُفنَت في غياهب جُبّ النظريات البشرية والإجتهادات الفقهيّة في زمن التبعيّة والذلّة والمسكنة والإنهزاميّة ..
لقد علّمنا التأريخ أن الأمم المسلمة التي ابتعدت عن دينها وجعلت قرآنها وراء ظهرها وشرّقت وغرّبت بعيداً عن وحيها وتكبّرت وتجبّرت ونسيت ما استحفضها الله من رسالتها: يسلّط الله – تعالى – عليها أمم الكفر لتُذيقها بعض ما كسبت فتعود منكسرة ذليلة خاضعة لله تعالى ، أو يسلّط عليها بعض الطغاة ليذيقها بعض العذاب ، وهؤلاء الطغاة عقاب من الله لا يمكن أن يرضى به المسلم ويعتقد أنه من القدر ، بل ينبغي تغيير نفسه ثم تغيير هؤلاء الطغاة كنوع من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا من لطف الله تعالى بهذه الأمة ومن فضله ، ولم يكن الصحابة – رضي الله عنهم –استثناءً من هذه القاعدة : فقد عصى بعضهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد ، وأعجبت البعض كثرتهم يوم حُنين ، فامتحنهم الله تعالى ببعض الهزيمة ليعودوا إلى التذلّل له والإنطراح بين يديه والإقرار بعظمته وجبروته وسلطانه وقدرته : فيكون التوكّل المحض عليه ، والطاعة المطلقة له جل وعلا .. 
إن ما يحدث في سوريا اليوم هو درس للمسلمين فيها ، وهو درس قديم قدم رسالات الأنبياء ، فقد قال الله – تعالى – في كتابه العزيز {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} (البقرة : 214) .. تلك سنة الله – جل وعلا – في الصراع الأزلي بين الحق والباطل ، فأهل الحق لا بد أن ينالهم بأس أهل الكفر ، ويصيبهم الضر بهذا البأس الذي تتفاوت شدته ، فإذا كان شديداً تحدث الزلزلة ، ويبدأ أهل الإيمان في التساؤل ، ويبدأ ضعاف النفوس في التشكّك ، ويصل الأمر بأهل الإيمان إلى التسائل : لا عن شك ، ولكن عن يقين بأن نصر الله آت ولكن {متى} ، فيقضي الله عز وجل بأن نصره قريب ..
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها … فُرجت ، وكنت أضنها لا تُفرج
إن هذا البلاء الذي يصيب أهلنا في سوريا ليس شراً محضاً ، بل هو ابتلاء في ثناياه خير كثير ، فآيات الله تتجلّى بمدن الشام في شباب يُراد له التعلّق بالبشر الذين لم يألوا جهداً في الكيل بالمسلمين عن طريق تخديرهم بكلمات في مؤتمرات ولقاءات ، وقد أتت البشارات من شام الشموخ برجوع الشباب إلى دين الله عز وجل ، شباب لم يعرف الصلاة في حياته ، ولم تتطرق آيات الله مسامع أذنه ، شباب لاهٍ عابثٍ خاوٍ من الإيمان مستكين يعيش في هامش الحياة ، هذا الشباب الغض الفتيّ بدأ الرجوع إلى الله عز وجل – فيما هو أشبه بالمعجزة ، كما أخبرنا بعض الشباب – معتكفاً على كتاب ربه ، معفّراً وجهه في التراب ، مجاهداً في سبيل دينه وكرامة أمته ، فأيّ بشرى أعظم من أن يعود رجال الشام إلى دينهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا فسدَ أهلُ الشامِ فلا خيرَ فيكم” (أحمد وابن ماجه وابن حبان والطيالسي الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وصحح سنده الألباني في فضائل الشام وفي صحيح الترمذي) ، ها قد أتي الخير إلى الشام وذهب الفساد عن أهلها ، فأبشري أمة الإسلام بخير آتٍ ..
إنّه الله يا شباب الشام .. إنه الواحد الأحد الذي لا قادر سواه ولا قاهر لإرادته ..إنه حَسْبُ المؤمنين وهازم الكافرين ومُجيب المضطرين .. إنه الله الذي لا يرضى أن يسألَ العبدُ سواه .. إنه الناصر الذي لا يُغلب ، القوي الذي لا يُقهَر ، المجيب القريب السميع البصير ..
لقد جرّبتم التعلّق بالشرق والغرب والعرب والعجم ، وسمعتم كلمات الوزراء والأمراء والرّؤساء ، ورأيتم اللقاءات والإجتماعات والمؤتمرات ، وجرّبتم الهيئات والمؤسسات والمنظّمات ، وعاينتم حقيقة المراقبين العرب والدوليين وخططهم وخداعهم ومكرهم ، فلم يوقف كل هؤلاء رصاصة في حمص وحماه ، ولم يُبطلوا حد سكّين في اللاذقية ودرعا ، وسترون وسترون وسترون عما تتفتّق عنه عقول هؤلاء الشياطين من مكر وغدر بكم .. 
قاذفات الهاون والصواريخ والدبابات والطائرات تدكّ إدلب وحلب ، لو شاؤوا لأوقفوها كما فعلوا في ليبيا ، ولكن الله أعماهم عن كل هذا ليحقق في قلوبكم معنى “لا إله” فيزرع فيها اليأس من كل شيء ، ثم يقرر في قلوبكم – بعد تصفيتها -الحقيقة الأبدية بأنه هو الإله الحقّ الواحد الأحد الذي لا ربّ سواه ، وهكذا تتحقق كلمة التوحيد “لا إله إلا الله” في قلوب المسلمين : بيأسهم من كل مخلوق ، وتعلّقهم بالخالق وحده ..
يا شباب الشام ، ويا جند الشام ، ويا رجال الشام اعلموا وأيقنوا واعتقدوا جازمين بأنه{مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (الطلاق : 3) ، وكم سمعنا من أهل الكفر والخيانة والغدر والعمالة كلمات التثبيط والشماتة والتقليل من شأن عقيدة التوكّل على الله حتى شابهوا إخوانهم المنافقين من قبل {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال : 49) ..
يا أهل الشام ..
رغم كل هذه المحن ، ورغم تكالب الأمم عليكم ، وقد أعلنوا زوراً الوقوف معكم ، رغم كل هذا الغدر وهذه الخيانات من قبل أبناء جلدتكم ومن تكلّم بلسانكم ، أقول لكم : أقسم بالذي رفع السماء بلا عمد أنكم أنتم المنصورون ، وأنكم أنتم الغالبون ، وأن العاقبة لكم ، وأن النصيريّة مدحورون ، وسيمنحكم الله أكتافهم ، والنصر صبر ساعة.. لعلي أذكّركم بالعقيدة الجهادية في الآيات القرآنية لتلعموا أن دينكم دين قوة وتجلّد وجهاد وعزّة .. فن الحرب القرآني الرباني الذي إن تمسّكتم به تُفلحوا ، ولن يضيّعكم الله أبدا :
1- عليكم بالإعداد قبل المعركة بقصد إرهاب العدو المعروف والمجهول ، قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (الأنفال : 60) .. والإعداد هنا : كل ما يعين على الحرب من الأمور المادية والمعنوية ، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو على المنبر ، يقول {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} : ألا أن القوة الرمي ، ألا أن القوة الرمي ، ألا أن القوة الرمي” (مسلم) ، وخصّ الرّمي لأنه أظهر وأشدّ أنواع القوة الحربية في القديم والحديث ..
2- لا بد من التركيز على المقاصد الشرعية في العقيدة الجهادية ، قال تعالى {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة : 111) ، فالجهاد لا يكون إلا {في سبيل الله} ، لا في سبيل وطن أو حكومة ديمقراطية أو دولة مدنية أو أي شيء آخر {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء : 76) .. 
3- ثم يأتي دور تحريض الجموع المسلمة على الجهاد في سبيل الله ، قال تعالى {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً} (النساء : 84) ، والتحريض متزامن مع رفع الروح المعنوية للمجاهدين {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ} (الأنفال : 65) ..
4- ورفع المعنويات يتطلب ذكر فضائل الجهاد ومراتب أهله ومنزلتهم ومنزلة الشهادة في سبيل الله ، والآيات في القرآن كثيرة في هذا الباب ، كقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (الصف : 10 – 13) ، وأحاديث الجهاد أكثر من أن تُحصى ، وفي كتب السنة وغيرها – ككتاب “مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق ومثير الغرام إلى دار السلام” لابن النحاس – ما يسر المؤمنين ويُغيظ الكافرين ، واحرصوا على الكتاب المذكور ففيه خير كثير ..
5- إذا قويت العزيمة وتقاطر الرجال لنيل الكرامة في ساحات النزال فابدؤوا بمعرفة أسرار العدو وقوته ومكامن ضعفه {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (التوبة : 5) ، واعلموا بأن “الحرب خدعة” وأن النبي صلى الله عليه وسلم قلما أراد غزوة إلا ورّى بغيرها.
6- التركيز على وحدة الصف ووحدة القضية ، والبعد – كل البعد – عن الخلاف واختلاف الرايات ‏، ولا يكون ذلك إلا بالتزام راية الإسلام الحقة {وأطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْوَاصْبِرُوا إنَّ اللّه مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال : 46) قال بعض العلماء : هذه الآية الكريمة أجمع شيء جاء فيآداب القتال‏ ..وقال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف : 4) .. 
7- وليعلم المجاهدون بأن كل سبب أو راية غير راية الجهاد في سبيل الله مآلها الفشل في الدنيا والآخرة {وَلا تَكُونُوا كالَّذينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاء النَّاسِ وَيَصُدُونَ عَنْ سَبِيلِ اللّه} (الأنفال : 47) .. ‏كما ينبغي التذلل بين يدي الله وعدم الإغترار بعدد ولا عدّة ولا نصر جزئي أو حتى كلّي {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْأعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ‏} (التوبة : 25) ‏‏.
8- البدء بقتال الأقرب فالأقرب لتحصين قاعدة الإسلام التي ينطلق منها المسلمون ، قال تعالى{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة : 123) ، فإن كان العدو البعيد أشد نكاية بالمسلمين وأعظم قوة وفي البدئ به مصلحة راجحة فلا بأس في ذلك كما قال الفقهاء وأهل التفسير ..
9- أما عن كيفية القتال الإسلامي ، فإن معركة الإسلام متى بدأت فإنها لا بد أن تبدأ بالإثخان في العدو ، قال تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال : 67) ، والإثخان : كثرة القتل ، فهذه هي البداية القتالية في القرآن ، وهي تنافي مبدأ “السلميّة” التي ينادي بها البعض اليوم ، فالإسلام دين إرهاب للعدو المعاند {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (الأنفال : 57) ، قال البغوي في تفسيره : “افعل بهؤلاء الذي نقضوا عهدك وجاؤوا لحربك فعلاً من القتل والتنكيل ، يفرُق منك ويخافك من خلفهم” (انتهى) ، فعلى المسلمين في الشام أن ينكّلوا بهؤلاء شر تنكيل ويكثروا فيهم القتل حتى يخاف البقيّة ويرتدعوا ، فالضربات الإستباقية والتأديبية والإرهابية مبدأ إسلامي أصيل في الجهاد ، ومن خير من شرّد بالأعداء وأذاقهم الويلات في الحروب عبر التأريخ الإسلامي : سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه ..
10- والتوجيه القرآني الرباني عند المواجهة والإلتحام يؤيّد مبدأ القوة والإثخان ، قال تعالى {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (محمد : 4) ، ولا يخفى أن في ضرب الرقاب من القوة والسرعة في القتل والإرهاب للعدو ما يجعله يفرق من مواجهة المسلمين ..
11- ‏ومن التوجيهات القرآنية المهمة في العقيدة القتالية : قصد رؤوس الأعداء وقياداتهم وتصفيتهم ، قال تعالى {… فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} (التوبة : 12) ، وائمة الكفر هم قادتهم ، ولا زلنا ننتظر من أهلنا في سوريا قصف القصور الرئاسية ومنازل قادة النصيرية في دمشق وغيرها ، وقد رأينا كيف هرب علي صالح من اليمن بمجرّد قصف بيته ، وكيف استسلم حسني بعد أن أقسم ثوار مصر على التوجّه لقصره ، ومثله ابن علي في تونس ، فهؤلاء القادة جبناء حريصون على الحياة ، فما أن يعلموا أن حياتهم في خطر حتى يفرّوا لا يلوون على شيء ، وفي تصفيتهم وفرارهم توهين لعزيمة جنودهم ، والتأريخ مليء بالعبر عن قادة فرّوا من أرض المعركة وأوردوا جنودهم المهالك بجبنهم وخورهم ..
12- الصبر على فقد الأحبّة واحتسابهم عند الله والدعاء بتقبّلهم في الشهداء {‏وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلُوا فِيسَبِيل اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بالَّذِين لَمْيَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أنْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَة مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وأنَّ اللَّهَلايُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ *‏ الَّذينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أصَابَهُمْ القَرْحُ لِلَّذِينَ أحْسَنُوا مِنْهُموَاتَّقَوْا أجْرٌ عظِيمٌ} (آل عمران : 196-172)‏ .‏.
13- الجزم واليقين بأن معركة الإسلام مع الكفر مآلها النصر للمسلمين ، لأن الله تعالى وعد مَن نصر دينه بالنصر فقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد : 7) .. لا شك أن النّصيريّة كفار ، ويبقى أن يكون المقابل إيمان ونُصرة لدين الله تعالى ، والنصر متى تأخّر فهو اختبار وامتحان من الله تعالى لأهل الإيمان {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُممَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِقَرِيبٌ} (البقرة : 214) ..
14- إن أسباب تأخر النصر كثيرة ، منها :التوكّل على غير الله ، أو إشراك غيره معه في التوكّل .. ومنها الوقوع في المعاصي : فقد كان الصحابة يتواصون في الأمر كما يتدارسون خطط المعارك .. ومنها المنّة من الله والفضل كي يرجع إليه من لم يرجع ، ويزداد أهل الإيمان إيماناً بوعده ، ويعتاد أهل الإسلام البذل للدين ومعرفة قيمته وعظمته ، وهذا كله يحتاج من أهل الإسلام إلى الصبر {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران : 200) ، فمن آمن وصبر وصابر ورابط واتقى الله فقد أفلح ..
إن في آيات القرآن الكثير من الحقائق العسكرية والخطط الحربية وفن إدارة المعارك ما لا يحصيه إلا الله ، وأعظم نسبة في الأحاديث النبوية – كما قال ابن تيمية – هي في الصلاة والجهاد ، فمن قرأ القرآن الكريم واطّلع على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فلن يعدم حقيقة ، ولن يُخطئ غاية ، فهما الأصل ، وبهما العمل ..
هناك أمر غاية في الأهمية ينبغي أن يُنظر إليه بعين الإعتبار في المسألة السورية ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم “خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولا تهزم اثنا عشر ألفا من قلّة” (أبو داود والترمذي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3278) ، والروايات تتحدث بأن “الجيش السوري الحر” عدده بين الخمسين والسبعين ألف رجل ، وهذا العدد لا يُستهان به ، فلا ندري كيف بقي النصيرية كل هذه المدة صامدون أمام هذا العدد الكبير !! ينبغي مراجعة السياسة العسكرية للثوار ، وإن احتاج الأمر إلى تغيير القيادة فليكن ، فالجيش الحر ليس بقليل ، وهم داخل المدن يقاتلون حرب عصابات ، وهذا العدد أكبر من أن يصمد أمامه النصيرية ..
لعلي أوجه كلمة للمجاهدين الذين دخلوا سوريا من العراق وغيرها ، فأقول لهم : إياكم ثم إياكم أن تشقوا الصف السوري .. كونوا أنتم العدة لهذا الشعب ، وأروا شباب سوريا كيفية الإقدام في ساحات الجهاد .. كونوا في المقدمة ، ولتكنم نحوركم دون نحور المسلمين ، ودمائكم دون دمائهم ، واسوهم بأنفسكم ، وأعيدوا إلى ذاكرة الشاميين فنون القتال وضرب الرقاب وقطع الأعناق واستئصال شأفة الكفر .. أعيدوا لهم ذاكرتهم التي تاهت في حكم النصيرية ، ونحن على يقين بأن أهل الشام ما أن يتذكروا ماضيهم المجيد فإنهم لا بد صانعون تأريخاً جديداً بهذا الجيل العائد إلى الله تعالى ..
إن أمر التحريض ليس بالصعب في سوريا ، فالنصيرية كفوا المجاهدين مشقة التجنيد ، والناس مقبلون بقلوبهم على الجهاد : فكونوا لهم الصدور الحانية ، وأروهم حقيقة الأخوة الإيمانية ، وازرعوا في قلبوهم عقيدة الولاء والبراء وا لحب والبغض في الله ، وانشروا بينهم كلمة التوحيد ، ووحدوا معهم كلمتكم ، وعلّموهم أبجديات الجهاد ، ودرّبوهم على تصنيع المفخخات التي أهلكت الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان ، وكوّنوا منهم جماعات وخلايا صغيرة لها استقلالية نسبية ، وأشغلوا النصيرية عن أعراض المسلمات بالقتل والتمزيق والإرهاب وزلزلزلوا الأرض تحت أقدامهم ، وازرعوا اليأس في قلوب مسلمي الشام من كل مدد غير مدد السماء ليتوكّلوا على الله حق التوكّل ولا يلتفتوا إلى مجلس انتقالي ولا مجلس عسكري ، واصرفوا أنظارهم عن كل متسوّل في أروقة المنظمات الدولية والعربية ، وليكن همهم الإثخان في عدوهم وقطع رؤوسهم والدفاع عن دينهم وأعراضهم ودمائهم ، ولينتزعوا النصر انتزاعاً ، لا توسلاً على عتبات قصور العرب والعجم وبين أروقة المحافل النصرانية واليهودية ..
إن المظاهرات والإحتجاجات والثورات متى انقلبت إلى جهاد فإن الحسابات جميعها تتغيّر ، فمدد السمات لا يأتي لتظاهرة أو احتجاج أو ثورة ، بل الآيات والأحاديث كلها في راية الجهاد ، فمتى ما رُفعت هذه الراية فإن النصر قاب قوسين أو أدنى ، ومتى ما تخلّى الناس عن هذه الراية أوكلهم الله إلى ما اتّكلوا عليه ، وقد رأينا ما فعلت المؤسسات الدولية ، وسمعنا الخطابات الجوفاء والتصريحات التي يحسبها الضمآن ماء : فيصفونها تارة بالجريئة ، وأخرى بالقوية ، وكلها لا تتعدى كلمات اعتدنا عليها منذ سقوط الخلافة الإسلامية ، وشبعنا منها في قضية في فلسطين ، فلا يملك هؤلاء ناقة في قضايانا ولا جمل ، والمعوّل – بعد الله – على جماهير المسلمين أن يحملوا راية الجهاد ويعيدوا مجد أمتهم التي قضى الله أن تكون خير أمة ، وأن تكون ظاهرة على سائر الأمم بالجهاد ..
إنه المكر الذي أخبرنا الله به في كتابه ، وليس حاكمٌ معتَرفٌ به من قِبل الكفار إلا وهو يمكر بالمسلمين ، ولولا هذا المكر ما نال هؤلاء اعتراف أعداء الدين ، وها هو أردوغان لما قتل النصيرية بعض المسلمين في تركيا دعى الدول الكافرة للتدخل في بلاده وحراسة الحدود ، ونقول له : لم لا تطلب من حلف شمال الأطلسي حماية الحدود العراقية التركية !! لمَ تدخل بجيوشك داخل العراق لتقاتل المسلمين الأتراك بينما تطلب من الأطلسي حماية حدودك مع النصيرية في سوريا !! 
وآخر يدعوا إلى تسليح الجيش السوري الحر ، فنقول له : ما الذي يمنعك من تسليحهم !! أي شخص يستطيع إدخال السلاح داخل سوريا عن طريق لبنان أو العراق أو تركيا أو الأردن ، فما الذي يمنعك من ذلك !! طبعاً هو ينتظر موافقة اليهود والنصارى – في مجلس الأمن –ليسمحوا له – كما يزعم – بإمداد المسلمين بالسلاح ليقاتلوا حرّاس يهود !! ونقول بلسانه إن كان صادقاً “انطر يا حمار” ، وإن كانت الأخرى : “العب غيرها” ..
السوريّون يحتاجون أسلحة بسيطة ، أسلحة متكدّسة في مخازن الجيوش العربية ، تلك الأسلحة التي أصابها الصدأ في المخازن التي لا يدخلها إلا الأشباح في غير المناسبات الرسمية !! مضادات للدبابات وأسلحة خفيفة محمولة على الكتف وذخيرة ، هذا كل ما يحتاجه السوريون لحسم المعركة ، وبينما يستقبل النصيرية الأسلحة والذخيرة الإيرانية عن طريق العراق وقناة السويس وعن طريق السفن الروسية وحزب الشيطان في لبنان : لا زال البعض ينتظر قرار مجلس الأمن وتنازل الروس والصينيون عن الفيتو في مسرحية حقيرة تبادلوا فيها الأدورا على حساب دماء وأعراض المسلمين في سوريا ، تماماً كما فعلوا – ويفعلون -في فلسطين ..
الله.. الله وحده ناصر جنده في سوريا .. الله وحده الكافي عباده .. الله وحده هازم الأحزاب في كل عصر ومِصر .. الله وحده الذي يمكر بالكفار والمنافقين والمرتدين ..الله وحده القاهر فوق عباده .. الله وحده الذي يجب أن يتعلّق به أهلنا في الشام ويتوكّلوا عليه حق التوكّل .. الله وحده لا شريك له .. 
إن النصيريّة أحقر من أن يقفوا أمام جند الشام في مواجهة علنية ، ولولا دعم فرنسا وأمريكا واليهود والرافضة لهذه الطغمة النصيرية الكافرة لما تمكّن هؤلاء من البقاء في سوريا طيلة هذه السنين ، ومن قرأ قصّة الشيخ مروان حديد – رحمه الله – ورأى ثباته بمفرده لساعات طويلة يواجه جيوش النصيرية من شقته المتواضعة بسلاح واحد متواضع لَعلِم مدى الخور والجُبن الذي يغلب على هؤلاء الباطنية .. النصيرية حكموا الشام بتفريق أهلها وإبعادهم عن الدين وتخويفهم كل على حده ، أمّا وقد نفض أهل الشام عن أكتافهم غبار الخوف ووقفوا صفّاً واحداً في وجه العدو وهتفوا بملئ أفواههم “الله أكبر” ، فلا والله لا يبقى النصيرية في سوريا : رغم أنف حكام العرب والعجم ، ورغم أنف فرنسا وأمريكا واليهود ، ورغم أنف المنظمات العربية والدولية .. 
سوريا تحررت منذ أوّل لحظة خرج فيها بضعة شباب في درعا ليهتكوا ستر الظلام ، وليشرخوا جدار الصمت ، فألهبوا المكنون من مشاعر الإسلام في صدور أهل الشام .. إنها السّنن .. إنه الإسلام .. إنهم جند الشام : “سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة : جند بالشام ، وجند باليمن ، وجند بالعراق .. عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده ، فإن أبيتم فعليكم يمنكم واسقوا من غدركم فإن الله قد توكّل لي بالشام وأهله” (أحمد وأبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع) .. 
‏‌
وعن زيد بن ثابت الأنصاري – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول : “يا طوبَى للشام ، يا طوبَى للشام ، يا طوبَى للشام ، قالوا : يا رسول الله ، وبِمَ ذلك ؟ قال : تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام”. (أحمد والحاكم وابن حبان والطبراني والترمذي ، وصححه الألباني في فضائل الشام) ، والملائكة لا تدخل بيوتاً فيها صور وكلاب ، والنصيرية أنجس من الكلاب ، فأخرجوهم من الأرض المباركة ، فالملائكة تتأذى من أهل الكفر والزندقة ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
9 جمادى الآخرة 1433هـ

_________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]